مفاعلات نووية مقاومة للإنصهار الانهياري‎

قد يصبح غاز الهليوم بديلاً للماء في تبريد الجيل المقبل من منشآت الطاقة النووية. وقد تم إطلاق مفاعلات من هذا النوع في ستينيات القرن العشرين، لكنها لقيت إقبالاً محدوداً جداً، ولم تُنشأ منها إلا قلة قليلة حتى اليوم. لكن ذلك قد يتغير في المستقبل.

فرغم أن هناك أموراً، من قبيل تخزين الوقود، تشكل مصدر قلق محتمل؛ فإن مفاعلات غاز الهليوم، والتي لا يمكن أن تتعرض للانصهار الانهياري، قد تمثل خياراً مستقبلياً، في أعقاب كارثة اليابان النووية.

صورة توضيحية لمفاعل غاز الهليوم

ولإستخدام الهليوم في التبريد بضع مزايا على الأقل. فمن جهة، هو عنصر خامل، ولذا فإنه لا يمكن أن يصبح مشعاً مثل ماء تبريد منشآت الطاقة. ومن جهة ثانية، فإن مفاعلات الغاز أكثر كفاءة من حيث توليد الطاقة الكهربائية من مثيلتها المعتمدة على مياه التبريد لأنها تعمل بدرجة حرارة أعلى بكثير. وتلك الحرارة، التي تُنتَج دون انبعاث الكربون، هي ما حاز على اهتمام شركات المواد الكيميائية، والأسمدة، والنفط. وعلى الرغم من أنها لا تزال في مرحلة التطوير، فإن "هذه التكنولوجيا يمكن أن تحدث تغييراً جذرياً في هذا المجال"، حسب فريد مور، من شركة داو كيميكال.

وفي قلب نظام أمان هذا النوع من المفاعلات ثمة تصميم ذكي للوقود. فبدلاً من قضبان وقود اليورانيوم المستخدمة في المفاعلات التي تعمل بماء التبريد، يتخذ وقود مفاعلات الغاز شكل قطع يورانيوم صغير متناثرة بين "حصى" الجرافيت. ويعتبر الجرافيت مهدئاً (Moderator) هائلاً، إذ يعمل على إبطاء وتيرة النيوترونات والحفاظ على تفاعلها ضمن نطاق درجات الحرارة المناسبة.

وقد شاهد أندرو كاداك، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي زار نموذجاً قياسياً من هذا النوع من المفاعلات الغازية في الصين قبل أربعة أعوام، المهندسين وهم يوقفون تشغيل نظام التبريد. "لقد توقف عن التشغيل بشكل طبيعي"، يقول كاداك، مضيفاً "كان ذلك لا يصدق، وإذا وضعنا في الاعتبار ما وقع في فوكوشيما باليابان خلال هذا العام، فإن هذا مفاعل لا قبل للانصهار الانهياري به". –جولي بيروالد

الحصاة ومكوناتها الأربع
1. كربون حراري | 2. كربيد السيليكون | 3. يورانيوم | 4. كربون مسامي


ماذا يوجد داخل الحصى؟
كل "حصاة" على حدة في مفاعل الغاز هي كُرية من وقود الجرافيت بحجم كرة التنس. ويتم نثر 9 جرامات من اليورانيوم بين حوالي 15,000 من الجزيئات الدقيقة داخل الجرافيت. وخلال اختبار حديث أُجري في مختبر إيداهو الوطني ودام ثلاث سنوات، تم تسخين 300 ألف من جزيئات الوقود على درجة حرارة 1260 مئوية ومن ثم قُصفت بالنيوترونات. ولم يُسجل أي تسرب للمواد المشعة من أي جزيء من هذه الجزيئات؛ وهو دليل قوي على أمان هذا الوقود.

كيف يعمل المفاعل؟
يتألف مفاعل الغاز من نحو 400 ألف حصاة. وتُستجمع حرارة كريات الوقود بواسطة الهليوم ومن ثم يمكن استخدامها بعد ذلك لتوليد الكهرباء أو لتشغيل العمليات الصناعية مثل تكرير النفط وتحلية المياه.
1. تعمل آلات النفخ على تحريك غاز الهليوم خلال المفاعل وعلى الحصى، حيث يطلق الانشطار النووي كميات كبيرة من الطاقة، ما يعمل على تسخين الهليوم.
2. حوالي 5000 كرية تتحرك خلال المفاعل كل يوم، تماماً مثل دورات كريات العلكة في آله البيع التلقائي. ويعني هذا الدوران المستمر عدم وجود انقطاعات في التزود بالوقود.
3. إذا كان بإمكان حصاة من القعر أن تنتج طاقة أكبر، فإنها تعود إلى الأعلى. وحينما تُستَنفذ فإنها تُخزن كنفايات، وتضاف حصاة جديدة إلى الحصى.

المصدر/ مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية – عدد أكتوبر 2011