بنغلادش تواجه الكوارث

لدى شعب بنغلادش الكثير ليعلمنا حول كيف يمكن لكوكب مزدحم أن يتأقلم على أفضل نحو مع ارتفاع مستويات البحر. فهذا التحدي المستقبلي هو حاضرهم اليوم...

لعلنا اليوم صرنا سبعة مليارات إنسان على وجه البسيطة، لكن عندما يكون المرء في بنغلادش فإنه يشعر أحيانا كما لو أن نصف الجنس البشري مكدس في أرض بحجم ولاية لوزيانا الأمريكية. وقد بلغت العاصمة دكا من الزحمة درجة لم يبق معها فضاء عام أو ممر مشاة إلا و احتله المشردون. 


فيض من البشر... تعبر مراكب الأجرة المسماة خيبا نوكا نهر بوريغانغا إلى صدر غات، وهي محطة المراكب الرئيسة في دكا، مؤمنة النقل في إحدى أكثر مدن العالم كثافة سكانية. وتُعد دكا؛ بسبب أراضيها المنخفضة، من المناطق الأكثر عرضة لتهديد البحار الآخذة في الارتفاع.


وإذا ما خرجت للتجول هنا في ضباب الصباح الباكر، فستجد نفسك مضطرا إلى شق طريقك وسط حواجز من الأسرة المؤقتة والأطفال النيام. وبعد طلوع الشمس، تكتظ طرقات المدينة وأزقتها الرطبة والحارة بالفوضى التي يحدثا حوالي 15 مليون شخص، جلهم يعلق في زحمة المرور. وفي غمرة هذا الهرج والمرج، يزحف جيش صغير من المتسولين البنغاليين، ومعهم بائعي الخضر، وبائعي الفُشار وسائقي الريشكا، وبائعي الحلي الرخيصة؛ كلهم يموجون عبر المدينة كأنهم قطرات في سيل جارف. وتنبسط الأرياف خارج حدود المدينة لتشكل امتدادا شاسعاً من السهول الفيضية المغمورة بالمياه، ئتتخللها بقاع متناثرة من الأراضي الخضراء والمسطحة مثل مواقف السيارات، كله مكتظة بالبشر. وإذا كنت من المغرمين بالخلوة، فأصرف نظرك عن هذا المكان، فيحثما وليت وجهك ثمة بنو جلدتك في هذا البلد. 
لاداعي للدهشة، فبنغلادش واحدة من أكثر دول العالم كثافة سكانية، حيث يفوق عدد ساكنيها سكان روسيا الشاسعة جغرافيا. إنها مكان يستحيل فيه، من الناحية الحسابية، على أي فرد من بين الـ 164 مليوناً، أن يجد نفسه وحيداً تماماً وهذا يتطلب من أي وافد على بنغلادش قدرا من التأقلم. 


هرباً من الفيضانات... يتعاون القرويون في نقل منازلهم في سيراجباغ، وهي جزية من الطمي على نهر جامونا الذي تكثر فيه الفيضانات. تم تفكيك هذا المسجد بعد صلاة الظهر وتم تركيبه مرة أخرى قبل صلاة العشاء.


وإذا كانت هذه حال بنغلادش عام 2011، فلكم أن تتخيلوا كيف ستصبح في 2050، حينما يكون عدد سكانها قد قفز على الأرجح إلى 220 مليوناً، وقد تغمر المياه إلى الأبد جزءا ليس بالصغير من برها الرئيسي حالياً. وهذا السيناريو المستقبلي يقوم على توقعين متقاربين؛ أولهما أن النمو السكاني سيشهد ارتفاعا بالملايين في العقود المقبلة رغم التراجع الحاد في الخصوبة، أما التوقع الثاني فهو ارتفاع مستوى البحر، بفعل التغير المناخي، بما يتراوح بين بضعة سنتيمترات ومايفوق المتر الواحد بحلول عام 2100. هذا السيناريو قد يعني تشريد 10 إلى 30 مليون شخص يعيشون على طول الساحل الجنوبي، ما سيجبر البنغاليين على الاكتظاظ أكثر فأكثر أو النزوح إلى بلدان أخرى كلاجئين مناخيين، وهي شريحة تشير التنبؤات إلى أنها ستبلغ حوالي 250 مليون شخص عبر العالم مع منتصف القرن الحالي، أغلبهم من البلدان الفقيرة والمنخضفة جغرافيا. 
ويقول اللواء الركن منير الزمان، وهو لواء متقاعد ذو شخصية كاريزمية يترأس حاليا معهد بنغلادش للدراسات الأمنية والسلام في كطا "نحن هنا بصدد الحديث عن أعظم هجرة جماعية في تاريخ البشرية. وبحلول عام 2050، فإن ملايين النازحين سيجتاحون ليس فقط أراضينا ومواردنا المحدودة، بل وحكومتنا ومؤسساتنا وحدودنا أيضاً". وأخبرني منير الزمان عن "لعبة حربية" جديدة تُستخدم في جامعة الدفاع القومي الأمريكية في واشنطن العاصمة، تتنبأ باحتمال حدوث فوضى جيوسياسية في جنوب آسيا جراء الهجرة الجماعية للبنغاليين. وبحسب هذه "اللعبة-النبوءة"، فإن ملايين اللاجئين سينزحون إلى الجارة الهند، ماسينتج عنه الأمراض والصراعات الدينية والنقص المزمن في الماء والغذاء، فضلا عن احتدام التوتر بين القوتين النوويتين، الهند وباكستان. 
هذه الكارثة، وإن كانت مجرد تخيل، فإنها تنسجم بالكامل مع سياق الأحداث في بنغلادش من استقلالها عام 1971، حيث مافتئت البلاد تتخبط في الحروب، والمجاعات، والأوبئة، والأعاصير الفتاكة، والفيضانات المدمرة، والانقلابات العسكرية، والإغتيالات السياسية، ومستويات مدقعة من الفقر والحرمان. وقد جعلت هذه القائمة الطويلة من النكبات البعض يصف البلاد بأنها حالة ميئوس منها. وعموماً إذا لم يكن من اليأس بٌد، فيبدو أن أغلب البنغاليين لم يقرؤوا السيناريو. والواقع أن العديد منهم يتحدثون عن نهاية مختلفة بالمرة؛ نهاية تنجلي فيها محن الماضي وتخرج من رحمها آمال عريضة. 
ورغم كل المحن، فإن بنغلادش مكان يبدو فيه التأقلم مع مناخ متغير أمرا ممكنا، إذ باتت تُجربفيها حاليا جميع وسائل التأقلم بسيطة التقانة التي يمكن أن يتخيلها العقل. وبتمويل من الدول الصناعية-التي تشكل انبعاثاتها من غازات الدفيئة عاملا رئيسياً في التغير المناخي الذي يسبب ارتفاع مستويات البحر- وتنفيذ مجموعة كبيرة من المنظمات الدولية غير الحكومية، فإن هذه الوسائل المبتكرة آخذة في كسب المصداقية والإعجاب على حد سواء، بفضل مودر واحد أوحد تزخر به بنغلادش: إنها المرونة والاستماتة البشرية. وقبل أفول القرن الحالي، قد يتسنى للعالم النهل من التجربة البنغالية، بدل التأسي عليها. 
يعيش أكثر من ثلث سكان المعمورة في أماكن تقع ضمن 100 كيلومتر من الخط الساحلي. وعلى مدى العقود المقبلة، مع استمرار ارتفاع مستويات البحر، فإن خبراء التغير المناخي يتنبؤون بأن الكثير من المدن العالمية الكبرى، بما فيها ميامي ونيويورك، ستُمسى أكثر عرضة للفيضانات الساحلية. وقد أبانت دراسة حديثة شملت 136 مدينة ساحلية أن أكثر المدن عرضة للتهديد توجد في الدول النامية، لاسيما في القارة الآسيوية. وعلى الصعيد العالمي، فأن المدينتين اللتين ستعرفان أكبر زيادة تناسبية في عدد السكان المهددين بمخاطر التغيرات المناخية الحادة بحلول عام 2070، تقعان في بنغلادش وهما دكا وشتاغونغ، تليهما بفارق بسيط مدينة كولنا. ورغم أن بعض أراضي منطقة الدلتا ستساير ارتفاع مستويات البحار بفضل الرواسب النهرية التي ترفع الأراضي الساحلية، فإن مناطق أخرى مرشحة للغرف. 


بيت مؤقت... بعد الخوض في نصف متر من الماء، تجتمع عائلة ناصر الدين لتناول الطعام. وقد نقلوا بيتهم مؤخراً إلى هذا الموقع هرباً من جزيرة فاضت قريباً من كوريغرام. وبعد مدة قصيرة من التقاط هذه الصورة، عزمت العائلة على تفكيك البيت والرحيل مجدداً.


لكن البنغاليين ليسوا مجبريين على الانتظار لعقود حتى يعاينوا مستقبلا ستغير البحار المتعالية معالمه. فمن نقطة المراقبة في خليج البنغال، يمكن أن يرى البنغالي بأم عينه حقيقة العيش في عالم مكتظ ومتغير المناخ. ومافتئ أهلا بنغلادش يشاهدون البحر يرتفع، والملوحة تُفسد مياه الساحل الجوفية، والفيضانات النهرية تصبح أكثر تدميرا، والأعاصير تضرب الساحل بقوة أشد عنفا؛ وهي تغيرات مرتبطة باختلالات في المناخ العالمي. 
في 25 مايو 2009، أخذ سكان مونشيغانج، وهي قرية في الساحل الجنوبي الغربي، يكنها 35 ألف بنغالي، لمحة عما يمكن توقعه من أرتفاع حاد في مستوى البحر. ففي ذلك الصباح، رصد في الأفق إعصار، يسمى آيلا، وأرسلت رياحة البالغة سرعتها 110 كيلومترات في الساعة عاصفة بحرية كانت تزحف بصمت نحو الساحل في غفلة من القرويين، الذين كانوا منشغلين بالاعتناء بحقول الأرز واصلاح شباك الصيد. 
وبُعيد الساعة العاشرة صباحا، لاحظ ناصر الدين؛ وهو صياد في الأربعين، أن نهر المد والجزر القريب من القرية أخذ يرتفع بوتيرة "أسرع بكثير من المعتاد" باتجاه المد المرتفع. وبمجرد أن التفت إلى البحر، أذهله جدار من المياه البُنية وقد بدأت تتدفق من على أحد الحواجز الترابية التي ترتفع بمترين وتحمي القرية؛ والذي يمثل خط الدفاع الأخير ضد البحر. وفي غضون ثوان، كانت المياه تغمر منزلة، جارفة معها الجدران الطينية وكل شيء آخر. وقد صعد بناته الثلاث فوق طاولة المطبخ وهن يصرخن بينما الماء البارد والمالح يزحف صعوداً إلى كعابهن ثم إلى ركبهن. "كنت متيقنا أننا سنهلك لا محالة، لكن مشيئة الله قضت بغير ذلك"، يقول ناصر الدين، بعد مُضي أشهر على الحادثة، وهو واقف في الوحل الغائر بجوار بركة من المياه الخضراء الراكدة. 
وفيما يشبه المعجزة، مر قارب صيد فارغ بسرعة فأمسك به ناصر الدين ووضع بناته فيه. وبعد بضع دقائق أنقل القارب، غير أن العائلة استطاعت التشبث به بينما كانت الأمواج تتقاذفه. وفي النهاية همدت المياه، بعد أن قتلت المئات وشردت الآلاف على امتداد الساحل الجنوبي الغربي. وقد قرر ناصر الدين وأغلب جيرانه في مونشيغانج البقاء في أراضيهم وبناء منازل جديدة، غير أن آلافا غيرهمن قرروا بدء حياة جديدة في المدن الداخلية مثل خولانا ودكا. 


تحت سماء الموسم الماطر، يستقل المهاجرون القطار عائدين إلى دكا بعد زيارة قراهم في شمال العاصة. وعلى الجانبين يمتد بساط أخضر من حقول الأرز، بحالة سليمة هنا، لكنها تصبح شديدة الملوحة كلما توغلنا صوب الجنوب.


وتستقبل دكا آلاف الناس كل يوم من الفارين من الفيضانات النهرية في الشمال والأعاصير في الجنوب. وينتهي المطاف بالكثير منهم إلى العيش في الأحياء الصفيحية ذات الكثافة السكانية العالية في كورايل. وطبعا فإن دكا، التي تأوي أصلا مئات الآلاف من أمثال هؤلاء المهاجرين، تبقى عاجزة عن استقبال سكان جدد، فهي بالكاد تصارع من أجل تأمين الخدمات الأساسية والبُنى التحتية لقاطنيها الحاليين. 
وحيث أن بنغلادش غارقة في بحور وبحور من المحن، فإنها صارت منذ زمن تشكل مختبراً للحلول المبتكرة في الدول النامية. ولطالما تعافت من ويلات الأزمات المتعاقبة، لتبرهن بأنها أوسع حيلة مما كان يعتقده المشككون. وتحتضن دكا مؤسسة (BRAC)، وهي أكبر منظمة غير ربحية في الدول النامية، ونموذج يُحتدى به في توفير الرعاية الصحية الأساسية وخدمات أخرى يسهر على توفيرها جيش من العاملين الميدانيين. كما أن بنغلادش هي من أسس حركة التمويلات الصغرى العالمية التي أطلقها بنك غرامين، ومؤسسه محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006.
وليس من الدهشة في شيء أن هذا البلد شهد أيضاً ميلاد قصة نجاح ديمغرافي. فقد استطاعت بنغلادش أن تخفض معدل الولادات المرتفع من خلال تصميم برنامج للتخطيط الأسري في سبعينيات القرن العشرين، قادته القوى الشعبية بنفسها، فنجح في تقليص معدل الخصوبة من 6.6 طفل كل أمرأة عام 1977 إلى حوالي 2.4 في الوقت الراهن؛ وهو رقم تاريخي بالنسبة لبلد ينخره الفقر والأمية. وعادة مايرتبط انخفاض الخصوبة بالتحسن الاقتصادي، ما يحفز الآباء على تقليص حجم الأسرة ليتمكنوا من تأمين التعليم وفرص أخرى لأطفالهم. غير أن بنغلادش تمكنت من الحد من الخصوبة رغم غياب التنمية الاقتصادية. 
وعن ذلك تقول بيغوم رقية، 42 عاماً، وهي موظفة في وزارة الصحة تعمل في مقاطعة ساتخيرا، وسبق لها أن زارت آلاف الأزواج الجدد لإقناعهم باستخدام موانع الحمل وتقليص حجم أسرهم "لقد كان الأمر صعباً للغاية في البداية؛ هذا بلد محافظ جداً تتعرض فيه النساء لضغوطات من قبل الرجال لإنجاب أبناء كثر. لكنهم سرعان ما أدركوا أنهم بتلقيح أبنائهم، لن يكونوا مضطرين لإنجاب الكثير من الأطفال لكي يضمنوا بقاء بعضهم على قيد الحياة. كما أعجبتهم فكرة إطعام أفواه أقل".


أحياء دكا الفقيرة (مقدمة الصورة) تعج باللاجئين المناخيين، ما يزيد من متاعب مدينة منهكة أصلاً ببنى تحتية متقادمة، وفقر مدقع، وفيضانات متكررة.


ومن خلال شركات من عشرات المنظمات غير الحكومية، خطت بنغلادش خطوات جبارة في مجال تعليم النساء وفتح أبواب الفرص الاقتصادية أمامهن؛ حيث تضاعف معدل مشاركة النساء في العمل من 1995. كما أن الاقتصاد سائر في النمو، مدعوماً بقطاع النسيج والألبسة الموجهة للتصدير. ونجحت الدولة في تحقيق هدف مهم من الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة: فقد سجل معدل وفيات الرضع تراجعاً حاداً ما بين 1990 و 1008، من 100 وفاة لكل 1000 ولادة إلى 43 وفاة فقط؛ وهو من بين أعلى معدلات التحسن في الدول ذات الدخل المنخفض.
غير أن هذه النجاحات في دكا يحجبها فقر مستشرٍ وتدفق مستمر للقرويين، مايحث المنظمات مثل (BRAC) على التدخل لمساعدة سكان القرى في إيجاد طرق للعيش في بيئة متدهورة. "هدفنا في المقام الأول هو الحيولة دون مجيء الناس إلى دكا، عبر مساعدتهم على التأقلم وإيجاد طرق جديدة للعيش في قراهم"، يقول بابار كبير، مدير برامج التغير المناخي وإدارة الكوارث في منظمة (BRAC). "فالعواصف العاتية مثل آيلا تقتلع جذور نمط عيشهم المعتاد".

ونظراً لكثرة التنقل والترحال، نسى إبراهيم خليل الله كم مرة رحل فيها عن الديار، حيث يقول متسائلاً "ثلاثون أو أربعون مرة؟ لكن هل يهم العدد بالتحديد؟". والحقيقة أن هذه الأرقام قد تكون منخفضة بعض الشيء، إذ يقدر خليل الله بأنه غير مكان عيشه مرة في كل عام تقريباً، طيلة حياته التي تجاوزت الستين عاماً الآن. وبطريقة ما خلال كل هذا الترحال تكمن هو وزوجته من إنجاب وتربية 7 أطفال "لم يسبق لأحدهم أن فوّت على نفسه وجبة"، يقول خليل الله مفتخراً؛ وهو رجل طلق المحيا طيب المعشر ذو شعر قصير أشيب ولحية طويلة شيباء، يفيض كلامه مرحاً وبهجة.
وخليل الله هو واحد من مئات الآلاف من سكان الجزر دائمة التغير، أو مايسمى التشارات، المنتشرة في السهول الفيضية التي تحيط بأنهار بنغلادش الكبرى الثلاثة؛ بادما وجامونا ومغنا. وهذه الجزر، التي تبلغ مساحة العديد منها أقل من ثلاثة كيلومترات مربعة، تظهر وتختفي باستمرار، حي تبرز إلى السطح ثم تغرق مع تعاقب المد والجزر، والفصول وحالة القمر، وهطول الأمطار وتدفق المياه باتجاه أعلى الأنهار. وعادة مايركب سكان التشارات قواربهم من أجل زيارة أصدقائهم القاطنين في تشار آخر، ليجدوه قد اختفى تماماً. وقد تصلهم لاحقاً أخبار بأن أصدقائهم قد انتقلوا إلى تشار جديد قفز إلى الوجود على بعد كيلومترات قليلة في اتجاه مجرى النهر، وأنهم شيدوا منزلهم خلال النهار، وزرعوا الحديقة مع حلول الظلام، في يوم واحد فحسب. إن العيش بنجاح في تشار، بما يتطلبه من زرع الأغراس وبناء المساكن وتكوين أسرة، هو بمثابة الفوز بميدالية أولمبية في "مسابقة" التأقلم. ولعل هذا مايجعل من سكان التشارات أشد الناس استماتة ومرونة في العالم.


علو وجفاف... عندما يفيض النهر، يعرف أطفال جابد علي ماذا يفعلون: تسلق سقالة الخيزران في الفناء الأمامي والتشبث بإحكام. فسكان جزر منتصف النهر متعودون على هذه الكوارث المتزايدة.


ويقول خليل الله بأن هناك الكثير من الحيل التي يجب إتقانها للعيش في التشارات. فهو دائماً يبني مسكنه من أجزاء يمكن تفكيكها ونقلها وتركيبها خلال بضع ساعات فقط. وهو يحرص دائماً على أن يبنيه فوق كومة ترابية لا يقل ارتفاعها عن المترين، ويستخدم صفائح من المعدن الملتو كجدران خارجية، ويثبت ألواح القش للسقف. كما يُبقي على حقائب العائلة المحشوة بالأغراض على نحو مرتب قريباً من السرير في حال توجب عليهم إخلاء المكان سريعاً. وهو يملك وثائق ورثها من أبيه، تثبت حقه في استيطان الجزر الجديدة عند بروزها - ضمن نظام معقد من القوانين والأعراف التي وُضعت لمنع نحو مليون شخص في الجنوب من النزوح إلى التشارات من دون ترخيص. يكمن السر وراء نجاحه في العيش ضمن هذا الأسلوب - حسب قوله - في عدم الاستسلام للقلق والتوتر. "جميعنا نعيش تحت الضغط، لكن ما من فائدة تُرجى من القلق. ما لنا من خيار سوى شد الرحال من مكان إلى آخر. ونحن نزرع هذه الأرض لأطول مدة ممكنة قبل أن تغمرها مياه النهر. ومهما بلغ منا القلق مبلغه، فإن المآل دائماً واحد".
وتأبى الحياة في بنغلادش إلا أن تفارق الفقر والهشاشة حتى في أفضل الأوقات. لكن الوقت الراهن ليس بأفضل الأوقات بالتأكيد. ففي هذا البلد لا يقتصر تهديد التغير المناخي على الساحل وحسب؛ بل يتعداه إلى سكان المناطق الداخلية مثل القرية التي ينتمي إليها خليل الله. فمن شأن هذا التغير الإخلال بدورة الأمطار الطبيعية، بما فيها الأمطار الموسمية، وتساقط الثلوج في الهضبة التيبتية؛ واللتان تغذيان الأنهر الكبرى التي تشق طريقها إلى الدلتا.
ولأن جغرافية بنغلادش عرضة للفياضانات والأعاصير، فإن البنغاليين كان لهم السبق في التحضير لمستقبل ذي مناخ متغير. وعلى مدى عقود من الزمان، ظلوا يعملون على تطوير المزيد من سلالات الأرز المقاومة للملوحة، وبناء حواجز تحمي المزارع المنخفضة من اجتياح مياه البحر. وكانت النتيجة أن البلاد ضاعفت إنتاج الأرز منذ مطلع سبعينات القرن العشرين. كما أن تواتر الأعاصير دفع المسؤولين في بنغلادش إلى بناء ملاجئ من الأعاصير وتطوير نظم للإنذار المبكر من حدوث الكوارث الطبيعية. وفي السنوات الأخيرة، أنشأت مجموعة من المنظمات غير الحكومية مدراس ومستشفيات ومكتبات عائمة لا تغلق أبوابها في موسم الأمطار.
ويقول ذاكر كبريا، وهو مختص بعلم السياسة في ربيعه الـ 37،  يعمل محلل سياسات لدى أوتاران، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بالعدالة البيئية ومحاربة الفقر "دعني أحدثك عن البنغاليين. قد نكون فقراء ونبدو غير منظمين، لكننا لسنا ضحايا. وعندما تشتد الأمور، فإن الناس هنا يفعلون ما دأبوا عليه - أي إيجاد وسيلة للتأقلم والبقاء، فنحن أسياد الاستماتة المناخية".

إغاثة بلد... ساعد حشد كبيرة من العاملين الصحيين المدربين من طرف (BRAC)، وهي منظمة محلية غير حكومية، في تقليص وفيات الرضع وعدد المواليد (أعلى)
في الجنوب الأجاج، حوّل المزارعون حقول الأرز المحتقنة بالماء المالح إلى أحواض لتربية أسماك الروبيان والسرطانات (أسفل).


محمد حياة علي مزارع في الأربعين، رشيق القد مثل قضيب الخيزران، يعيش شرقي ساتخيرا على بعد حوالي 50 كيلومتراً في اتجاه الساحل، لكنه ليس بمنأى من فيضان النهر وملوحة بحر يرتفع مستواه رويدا رويدا. "في الأيام الخوالي، كانت هذه الأرض خصبة وحُبلى بحقول الأرز"، يقول علي، مشيراً بيده إلى المنطقة. "أما اليوم فقد تغير الجو فصار الصيف أطول وأسخن مما كان عليه في الماضي، ولم تعد السماء تجود بالغيث في حينه. كما أن الأنهار باتت أملح مما كانت عليه من قبل، وكل الماء الذي يأتينا من السطح مالح لايصلح لزراعة الأرز. لذا فأنا الآن أربي الروبيان في هذه الأحواض وأزرع الخضر في الحواجز المحيطة بها". وقبل عقد من الزمان، كان الناس ينظرون إلى مثل هذه الأحواض بعين الدهشة والاستغراب؛ أما اليوم فيبدو أن الجميع صار يربي أسماك الروبيان أو السرطانات ويبيعها لتجار الجملة الذين يشحنونها إلى دكا أو يصدرونها إلى الخارج.
لكن في بعض الأحيان قد يحدث أن لا يثمر التأقلم النتائج المأمولة. ففي كافة أرجاء جنوب بنغلادش، ثمة حقول وقرى محصنة ضد الأنهر بواسطة شبكة من الحواجز الترابية التي بنتها الحكومة بدعم من مهندسين هولنديين في سيتنيات القرن العشرين. وخلال الفيضانات، قد تفيض الأنهر على الحواجز وتعمد إلى ملء الحقول مثل طاسات الحساء. وبعد تراجع الفيضان، يبقى الماء محاصرا باليابسة فتُغمر الحقول بالماء وتصبح غير صالحة للزراعة لسنوات عديدة في كل مرة.
وقبل عقود كانت الأوضاع قد ساءت جداً في ساتخيرا؛ حيث غرقت الكثر من الحقول، وصار العديد من المزارعين بلا عميل. حينها قرر السكان المحليون تجاوز القوانين فأخذوا المعاول والمجارف وشقوا فتحة بطول 20 متراً في أحد الحواجز لتجفيف حقل شاسع ظل مغموراً بالمياه لثلاثة أعوام تقريباً. وهم بذلك كانوا يحتذون بأجدادهم الذين دأبوا على هذا العمل في الماضي، حيث كانوا؛ بين الحين والآخر، يهدمون أجزاء من حواجزهم لتمكين ماء النهر من دخول حقولهم، فتأخذ المياه في الارتفاع والانحسار مع حركة المد والجزر، إلى أن يرتفع مستوى الأرض بفضل الرواسب المتكدسة. غير أن القرويين هذه المرة أدينوا بمخالفة القانون.
بعدئذ، حدث أمر غريب لتلك الأرض التي هُدم حاجزها. فقد تسربت إلى الحقل المكشوف أطنان من الرواسب النهرية جعلته يرتفع بحوالي متر واحد. وقد ازداد عمق القناة النهرية، وصار في مقدور الصيادين صيد الأسماك من جديد. وقد تلت هذا الحدث دراسة حكومية لتحري الوضع على الميدان، انتهت بإصدار توصية تقضي بإدارة حقول أخرى بالطريقة نفسها. وقد لقي القرويون الكثير من الإشادة بل حتى إنهم صاروا أبطالاً في عيون الناس. واليوم فإن هذا الحقل مغطى بهكتارات وهكتارات من الأرز.
"الأنهر هي شريان الحياة في هذه المنطقة، وقد كان أسلافنا يدركون ذلك"، يقول كبريا وهو يمشي عبر أحد الحواجز. "عندما تكون الحقول مفتوحة يصير كل شيء مترابطاً حيث يرتفع مستوى الأراضي ليساير ارتفاع مستوى مياه البحر. كما أن ذلك يصون مصادر الرزق ويزيد من أنواع المحاصيل التي يمكن أن نزرعها ويُجنب ىلاف المزارعين والصيادين هاجس التخلي عن الديار والرحيل إلى دكا.


يستخدم سكان جزر مقاطعة غايباندا واسعو الحيلة نبات السنبل لبناء بساتين عائمة، يزرعون فيها القرع والباميا، ومحاصيل أخرى (أعلى)
ويساهم هذا المركب المدرسي، الذي يرسو ستة أيام في الأسبوع ويعمل بالطاقة الشمسية، في تعليم الأطفال الذين تجتاح الفيضانات بيوتهم على نحو دوري (اسفل)


غير أن التأقلم، مهما بلغت درجة براعته، ليس إلا حلا مؤقتاً. وحتى مع التراجع الحاد في معدل النمو، فإن عدد السكان في بنغلادش سيستمر في الارتفاع؛ ربما إلى أكثر من 250 مليوناً مع مطلع القرن المقبل، وستستمر العديد من أراضيها في الاندثار. وهذا يفرض علينا طرح التساؤل التالي: أين سيعيش كل هؤلاء الناس، وأنّى لهم أن يعيلوا أنفسهم وذويهم؟
هناك ملايين عديدة من البنغاليين الذين يعملون في الخارج منذ مدة، سواء في الدول الغربية أو في بلدان مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أو الهند، التي نزح إليها ملايين البنغاليين أثناء حرب الاستقلال عن باكستان عام 1971، ولم يعودوا قط. ومافتئت ملايين أخرى تلحق بهم متسللة عبر الحدود على مدى العقود التي تلت، لتوقد نار الاضطرابات والصراعات الاجتماعية. واليوم يبدو أن الهند مصرة أكثر من أي وقت مضى على إغلاق حدودها وتشديد الحراسة عليها للتصدي لأي زحف جماعي في المستقبل مثل الذي يفترضه المستشرفون في واشنطن. وهي حالياً تشيد سياجاً أمنياً يمتد بطول 4,000 كيلومتر على الحدود، كما أن الحراس أصبحوا لا يترددون في إطلاق النار على المهاجرين الذين يحاولون دخول الهند بطريقة غير شرعية. وتشير لقاءات أُجريت مع أهالي الضحايا أن قائمة القتلى تشمل على الأقل بعض المراهقين اليائسين ممن كانوا يسعون إلى مساعدة عائلاتهم مادياً. وقد تم رميهم بالرصاص حينما كانوا يحاولون تهريب الماشية من الهند، التي تحمي شريعتها الهندوسية الحيوانات، إلى بنغلادش المسلمة حيث يمكن أن يصل سعر الرأس الواحد إلى 40 دولاراً أميركياً.
وإذا ما حدث واضطر عشرة ملايين من اللاجئين المناخيين إلى الزحف على الحدود الهندية، فإن "حراس الحدود الهندية سيجدون أنفسهم سريعاً بلا ذخيرة"، يقول اللواء الركن منير الزمان، الذي يجادل أن الدول المتقدمة - وليس الهند وحدها - عليها تحرير قوانين الهجرة لتجنب مثل هذا المآل المروُع. وحالياً عبر كل مناطق بنغلادش، فإن الشباب الكفء والطموح والمتعلم يفكر ويخطط للخروج من البلاد.
وهذه ليست بالفكرة السيئة في نظر محمد معبود، أستاذ الصحة العامة في جامعة شمال جنوب في دكا، ورئيس منظمة السكان ومحاربة الفقر. فمعبود يعتقد أن الاستثمار في تعليم البنغاليين سيساعد في توفير مهنيين أكفاء للعمل داخل الوطن وكذا ترغيب دول أخرى في استقدامهم للعمل. فالهجرة، لاسيما هذا النوع من هجرة الأدمغة المتعمدة، هي أحد السبل للتخفيف من الضغط الذي سينفجر لا محالة في العقود المقبلة. وهي أيضاً وسيلة لتدعيم اقتصاد البلاد؛ فتحويلات المهاجرين البنغال مثلاً تمثل 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويضيف معبود "لو استطاع الناس الذهاب إلى الخارج من أجل العمل أو التجارة أو التعلم، ومكثوا هناك بضع سنين، فإن الكثير منهم سيبقى هناك". ومع حلول الوقت الذي ستبلغ فيه تأثيرات التغير المناخي أوجها، فقد يمكن تقليص عدد سكان بنغلادش بـ 8 إلى 20 مليوناً؛ هذا طبعاً إذا ماجعلت الحكومة من الهجرة الخارجية أولى أولوياتها الملحة.


دروس طويلة الأمد... يذهب الأطفال على مدار السنة إلى المدارس العائمة. وتستفيد البنات، الذين عليهن البقاء في البيوت وفق التقاليد، من مجيء المدارس إليهن على نحو خاص. وتشير الدراسات إلى أن البنات المتعلمات (وكذا الأولاد المتعلمون) ينجون أطفالاً أقل عند الكبر.


أما الآن، فإن الحكومة تبدو أكثر انكباباً على جعل التأقلم المناخي جزءاً من استراتيجية التنمية الوطنية. وهذا يعني، بمعنى أو بآخر، تسخير مصائب البلاد البيئية لإقناع العالم المتقدم بتقديم دعم أكثر. وقد ساعدت هذه الخطة على بقاء بنغلادش واستمرارها طيلة تاريخها القصير والمأساوي. فمنذ الاستقلال، حصلت البلاد على عشرات المليارات من الدولارات كدعم ضمن الالتزامات الدولية. وضمن الاتفاق الموقع في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في كوبنهاغن عام 2009، التزمت بلدان العالم المتقدم بمنح 100 مليار دولار سنوياً مع حلول 2020 لتلبية احتياجات الدول الفقيرة الأكثر عرضة لتهديدات التغير المناخي. والعديد من البنغاليين يرون أن حصة بلادهم يجب أن تتناسب مع درجة التهديد الذي تواجهه بنغلادش.
"لقد أضحى التغير المناخي نوعاً من التجارة، برقم معاملات ضخم ومستشارين كثر"، يقول أبو مصطفى كمال الدين، مدير برامج سابق في خلية التغير المناخي الحكومية. "أثناء الأزمة المالية العالمية، تمت تعبئة تريليونات الدولارات لإنقاذ بنوك العالم، فما الضير في مساعدة فقراء بنغلادش على التأقلم مع وضع ليس لنا يد فيه؟".

بعد مرور عامين على الإعصار، مازلت مونشيغانج تجف. أما ناصر الدين وجيرانه فإنهم يصارعون من أجل محو آثار الماء المالح من مخيلتهم وذاكرتهم، وبناء حياتهم من جديد، وتجنب أن تفترسهم النمور التي تطوف القرية ليلاً قادمة من غابة سنداربانز بحثاُ عن فرائس سهلة. وقد تزايد عدد هجمات النمور مع تزايد عدد السكان والضغوط البيئية. وقد قضى عشرات من سكان مونشيغانج أو جرحوا في السنوات الأخيرة (توفي شخصان في الأسبوع الذي كنت فيه هناك) وبعض الهجمات حدثت في وضح النهار.
"الوضع سيء هنا، لكن أين عسانا نذهب؟"، يقول ناصر الدين، وهو يطل على نصب من الطين بارتفاع متر ونصف حيث ينوي بناء منزله؛ بقرض من دون فوائد منحته إياه إحدى المنظمات غير الحكومية. وبدل الطين، سيستخدم هذه المرة الخشب لأنه يطفو فوق الماء. وتمتلئ حقول الأرز التي تحيط منزله بماء معظمه راكد. وقد شرع أغلب المزارعين المحليين في تربية سمك الروبيان أو السرطانات في الأحواض شديدة الملوحة. كما أن آبار القرية العميقة صارت مالحة هي الأخرى، مرغمة الناس على تجميع ماء المطر وطلب حصة من الماء من المنظمات غير الحكومية التي توصله في شاحنات إلى خزان في القرية، ليُحمل إلى المنازل في أوعية من الألمنيوم، عادة ما تنقلها النساء فوق رؤوسهن. "عليك التقاط صورة لهذا المكان وعرضها على الناس لاذين يركبون السيارات الكبيرة في بلدك"، يخبرني سمير رنجان غاين، أحد جيران ناصر الدين، وهو رجل ملتح قصير القامة، يدير منظمة محلية غير حكومية. "أخبرهم أنها إطلالة لما سيبدو عليه جنوب فلوريدا خلال 40 عاماً.
وحسب مايؤكده أهل مونشيغانج، فإنه لا جدال مع البحر، الذي سيجتاح هذه الأرض عاجلاً أم أجلاً. ومع ذلك فإنه من الصعب؛ مهما تفاقمت الأمور، تصور ملايين البنغاليين يجمعون أغراضهم ويفرون في جحافل ضخمة إلى الهند. وأغلب الظن أنهم سيستمرون على نهج التأقلم إلى أن تستنفذ حيلهم، وعندما تخرج الأمور عن نطاق السيطرة، فإنهم سيتأقلمون أكثر. إنها مسألة ذهنية وطنية؛ وهي غريزة بقاء ضاربة ممزوجة بإرادة للتعايش مع ظروف ربما لا قبل لنا نحن بها.
ويشرح عبدالله أبو سيد، أحد الناشطين في مجال محو الأمية، هذا الأمر بطريقته، قائلاً "في أحد الأيام كنت أقود سيارتي في واحد من أنشط شوارع دكا الختنق بآلاف المركبات - كلها في عجلة من أمرها. وقد كدت أدهس صبياً صغيراً، لا يتجاوز عمره خمس أو ست سنوات، كان نائماً على الرصيف الضيق الذي يفصل الطريق، وسط ضجيج المرور. وكانت السيارات تمر بجانبه بسرعة كبيرة، لا يفصل بينها وبين رأسه إلا عشرات السنتيمترات. غير أنه كان يرقد في سلام مستمتعاً بقيلولته وسط واحد من أصخب الشوارع في العالم. هذه بنغلادش؛ ونحن أبناؤها متعودون على العيش في الظروف الهشة وتطلعاتنا صغيرة جداً جداً، وهذا ما يجعلنا قادرين على التأقلم مع أي شيء".


معنويات "مستميتة"... أطفال يلعبون في جالياخالي، وهي قرية دمرها إعصار آيلا عام 2009. وقد جعلت العاصفة السكان يتسابقون للحصول على واحد من آلاف الملاجئ التي بنيت حديثاً (أعلى)، والتي يوفر بعضها؛ إلى جانب المأوى، خدمات اجتماعية أخرى.


المصدر: مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية - عدد مايو 2011